حصرياً: مقابلة الشيف محمد مع مجلة ليالينا
- تاريخ النشر: 2024-05-30
يسر ليالينا إجراء مقابلة حصرية مع الشيف محمد ليخبرنا عن إلهامه وخبرته في عالم الطبخ.
هل يمكن أن تخبرنا عن رحلتك في عالم الطهي، منذ بداياتك وحتى الشهرة الكبيرة التي حققتها كشيف وخبير مطاعم؟
بدأت العمل في مجال المطاعم في وقتٍ مبكرٍ من فترة المراهقة عندما كنت أعيش في استوكهولم. وبعد الانتهاء من دراستي الثانوية في إسطنبول، سافرت إلى الولايات المتحدة لدراسة إدارة الفنادق والمطاعم في جامعة "جونسون وويلز"، ومن هنا بدأت رحلتي الطويلة مع عالم الطهي، إذ عملت لعدة سنواتٍ في مناصب مختلفة في العديد من المطاعم والفنادق في الساحل الشرقي من الولايات المتحدة قبل أن أنتقل إلى إسطنبول لافتتاح أول مطعمٍ لي في عام 1996. وتوالت المشاريع بعد ذلك إذ أسست بعض المطاعم وأشرفت على إدارة بعضها الآخر، كان بعضها من فئة المطاعم الراقية، وبعضها الآخر كان من فئة المطاعم غير الرسمية، وبعضها كان مشاريع فردية، وبعضها الآخر كان جزءاً من سلسلةٍ كبيرة. ولكن قبل حلول جائحة الكورونا كنت قد خرجت من العديد من تلك المشاريع، وفي نهاية العام الماضي، قمت ببيع آخر أسهمي في مطعم "ميكلا".
ما الذي ألهمك لتقديم مفهوم "المطبخ الأناضولي الجديد"؟ وما وجه الاختلاف بينه وبين المطبخ التقليدي؟
لا شك في أنّ ثقافتنا تتغير على نحوٍ دائم، بما في ذلك ثقافة الطعام. وحتى أكثر المفاهيم التقليدية رسوخاً كانت في مرحلةٍ من المراحل مفاهيم جديدة ومبتكرة. وللطعام في منطقتنا تاريخ عريق ومتنوع وغني بالتقاليد، وهذا أمرٌ عظيم، ولكنني شعرت أن الحفاظ عليه "دون المساس به" سيكون له آثار سلبية، إذ قد ينقرض أو يتحول إلى مجرد طعامٍ عادي. ولهذا فكرت في أننا بحاجةٍ إلى طريقة تفكير جديدة للحفاظ على ثقافة الطعام العريقة التي نمتلكها، بل وتطويرها أيضاً. كما أردت أن أُلهِم جيلاً جديداً من الطّهاة وعشاق الطعام في المنطقة لتجربة طعامٍ محلي أكثر بساطةً وصدقاً. أردت أن أدفعهم إلى التفكير بجذورهم والبيئة المحيطة بهم، وإلى التفكير بأفضل المكونات وأفضل المورّدين والمنتجين. لطالما كان مطبخ المنطقة غنياً وحيوياً ومتغلغلاً في الثقافة المحلية، ولكن أردت للناس أن يعيدوا اكتشافه لكي أمضي به قدماً وهذا كان الهدف الذي وضعته نصب عيني. ويسعدني القول أني نجحت في نشر هذا المفهوم الآن في المنطقة، وله اليوم دورٌ كبير في التعامل مع المكونات التقليدية والأصيلة و"النبيلة" بطريقةٍ أكثر احتراماً وتقديمها بطريقةٍ مبتكرة تجمع بين تقنيات الطبخ التقليدية والعصرية.
هلّا أخبرتنا المزيد عن أحدث مشاريعك وهو مطعم "أرازونا"؟ ما الذي يمكن للزوار اختباره في صالة الطعام ذات الأسلوب التفاعلي وسوق المأكولات؟
مطعم "أرازونا" لا يشبه غيره، فهو يضم ثمانية مطابخ مفتوحة، يقدم كل واحدٍ منها نوعاً مميزاً من أنواع الطبخ الشرق أوسطي. هذه المطابخ ليست مجرد مكانٍ للطهي، بل هي مساحات مميزة تقدم تجارب غامرة بالصوت والصورة والروائح لتسافر بالضيوف إلى قلب التقاليد والابتكار. فعندما يدخل الزوار المكان، تلاقيهم على الفور أجواء نابضة بالحياة تحاكي أجواء الأسواق الشرقية التقليدية. كما يضم "أرازونا" متجراً خاصاً به مستلهم من تلك الأسواق يمكن للزوار فيه اختبار تجربة تسوق تعود بهم إلى الماضي وتحتفي بالمنتجات المحلية والإقليمية.
لقد قدمت أخيراً مشروب عرق PROTOTİP:RAKI. ما الذي دفعك إلى كسر حواجز المشروبات الروحية التقليدية وابتكار هذه العلامة الفريدة من نوعها؟
تماماً كما في مجال الطعام، أردت أنا وشريكي سيمري تورون إدخال لمسة عصرية إلى مشروب العرق التقليدي. ولهذا، تعمّقنا في جميع خطوات تحضيره، من اختيار العنب واليانسون إلى مرحلة التقطير. اعتمد نهجنا على كسر الحواجز والعلم وإحساسنا الفطري. ونحن ما زلنا في رحلة التطوير والتحسين بهدف ابتكار شراب عرق أفضل مع كل عام ومع كل حصاد. وكما يوضّح الإسم "بروتو تايب" أو "نموذج أولي" فإن هذا العمل هو بمثابة مشروعٍ مستمر لا ينتهي.
تحتل الاستدامة إلى جانب التقليل من هدر الطعام مكانةً أساسيةً في فلسفتك. كيف تجعل هذه القيم جزءاً من مشاريعك؟
لكل مشروعٍ طبيعته الخاصة، ونحن نتعامل مع كل واحدٍ بشكلٍ منفصل تبعاً لموقعه وطريقة إدارته. ففي بعض المشاريع ننجح في تطبيق تلك المفاهيم بسهولة، ونواجه تحديات في بعضها الآخر. فلا يمكن التعامل مع مطعمٍ صغيرٍ في القرية بنفس طريقة التعامل مع مطعمٍ كبير في مدينةٍ حيوية.
ما الدور الذي تلعبه الشراكة في مشاريعك؟ وهل يمكن أن تشاركنا أمثلة عن شراكات كان لها مكانة مميزة في مسيرتك؟
أختار العلامات التي أعمل معها بعنايةٍ كبيرة. عادةً ما تبدأ الشراكة بمشروعٍ صغير سرعان ما يتطور إلى شيءٍ أكبر. على سبيل المثال، تعاونت مع Grundig على مشروع "روهون دويسون" وركّزنا على الاستدامة والصحة والاستمرارية والزراعة ومسألة هدر الطعام. ولقد كان مشروعاً متعدد التوجهات وكان له سلسلة اليوتيوب الخاصة به ومقالات عديدة وحوارات ومؤتمرات وصلت إلى الملايين.
بصفتك شريكاً مؤسساً لمؤتمر YEDİ في إسطنبول، ما هو الأثر الذي ترغب في إحداثه من خلال مؤتمر الطعام العالمي هذا؟
يعتبر YEDİ مؤتمراً عالمياً للطعام يجمع بين الطهاة والمورّدين والعلماء وأصحاب الخبرة لمناقشة مواضيع حاسمة حول الطعام وما هو أبعد من ذلك. YEDİ هو خير مثالٍ عن تقارب مجتمع الطعام العالمي لفتح أبواب الحوار واتخاذ الخطوات اللازمة لخلق عالمٍ أفضل من خلال الطعام. وكما فعلنا مع YEDİ، قمت أنا وشريكي سيمري بتأسيس حدث Cradle of Food في لندن العام الماضي لرفع درجة الوعي وجمع التبرعات بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وشمال سورية. ويعتبر هذا الحدث مثالاً آخر جيداً عن تقارب مجتمع الطعام للمناقشة والتعلم وإحداث فرقٍ إيجابي.
كيف تتخيل دور مطعم "أرازونا" في "ذا لينك" في وضع معايير جديدة لمشهد الطعام في دبي؟
برأيي أن عبارة "وضع معايير جديدة" هي عبارة جريئة بعض الشيء، ولكننا نتطلع إلى ابتكار مساحةٍ تجمع بين الأجواء الحيوية المرحة والطعم الأصيل والشراب اللذيذ والتسوق الممتع، ولكن أروع ما فيها هو أنها تقدم الطعام الشرق أوسطي. فهذه المنطقة غنية بنكهاتها ومكوناتها وثقافتها، وصحيح أننا لا نقدر على تقديم كل ذلك في صالة طعامٍ واحدة ولكنها تبقى مصدر إلهامٍ كبيرٍ لنا. في "أرازونا" نقدم قائمةً تجمع بين الأطباق التقليدية والمعاصرة ونتعاون مع العديد من الحرفيين والفنانين من جميع أنحاء المنطقة لتقديم خيارات مميزة يمكن تسوقها في متجرنا بما فيها الطعام والنبيذ وأواني الطعام الجميلة.
ما هي النصيحة التي تقدمها للطهاة الناشئين وعشاق الطبخ الذين يتطلعون إلى ترك بصمتهم الخاصة في هذا المجال؟
أقول لهم: "تذكروا أن كل الطعام يأتي من الأرض والمحيطات ولقد كان موجوداً منذ فجر التاريخ وله القدرة على إحياء الناس والمجتمعات."