المكسرات تُسبّب السِّمنة: خرافة أم حقيقة؟

تُعدّ المكسرات من أكثر الأطعمة التي تثير الجدل بين محبي الأكل الصحي والمهتمين بالرشاقة، فبين من يعتبرها وجبة خفيفة مغذية، ومن يراها سببًا مباشرًا في زيادة الوزن، يبرز السؤال المحوري: هل المكسرات تسبب السِّمنة فعلًا؟

ورغم أنها غنية بالدهون والسعرات الحرارية، إلا أن هذه الدهون تُعدّ في الغالب من الأنواع الصحية التي يحتاجها الجسم. السر لا يكمن في نوع الطعام بقدر ما يكمن في طريقة تناوله وكميته ضمن النظام الغذائي، في هذا المقال سنكشف العلاقة بين المكسرات والرجيم، ونوضّح دور دهون المكسرات في الجسم، مع الإجابة العلمية على سؤال: هل المكسرات تزيد الوزن؟

هل المكسرات تسبب السمنة؟ الإجابة العلمية

لطالما ارتبطت المكسرات بفكرة أنها “تُسبب السمنة” نظرًا لاحتوائها على نسبة عالية من الدهون، لكن الحقيقة العلمية مختلفة تمامًا. فهذه الدهون في معظمها صحية وتلعب دورًا إيجابيًا في دعم الأيض وتنظيم الشهية، إن خرافة المكسرات والسمنة ناتجة عن الخلط بين السعرات الحرارية وطرق امتصاصها في الجسم، بينما تشير الأبحاث إلى أن المكسرات لا تزيد الوزن عند تناولها باعتدال ضمن نظام غذائي متوازن.

سر الألياف والبروتين: الشعور بالشبع دون إفراط

تحتوي المكسرات على مزيج فريد من الألياف والبروتينات التي تمنح الجسم إحساسًا مطولًا بالشبع، مما يقلل الرغبة في تناول أطعمة إضافية عالية السعرات، فعندما تتناولين حفنة صغيرة من اللوز أو جوز البِقَان، يبدأ الجسم في هضمها ببطء، ما يبطئ عودة الجوع ويساعد في التحكم في الوزن، كما تساهم هذه التركيبة في استقرار مستويات السكر في الدم، مما يقلل نوبات الجوع المفاجئة التي تدفع إلى الأكل الزائد.

الدهون الصحية لا تُخزَّن بسهولة: دعم الأيض الطبيعي

الدهون الموجودة في المكسرات هي دهون “غير مشبعة”، تُساعد على تنشيط عملية الأيض بدلًا من تخزين الدهون في الجسم، هذه الأحماض الدهنية الصحية، مثل الأوميغا 9، تُعزّز حرق السعرات وتدعم صحة القلب، لذلك لا تُعتبر دهون المكسرات خطرًا على الوزن، بل عنصرًا مساعدًا في ضبط الشهية وتوازن الطاقة. فبدل أن تُسبب زيادة الوزن، تسهم في تحسين التمثيل الغذائي وتقليل دهون البطن عند تناولها باعتدال.

متى تصبح المكسرات سبباً لزيادة الوزن؟ الخطر الحقيقي

رغم فوائدها العديدة، يمكن أن تتحول المكسرات إلى عبء على الميزان إذا تم تناولها بطريقة غير صحيحة، فالإفراط في الكمية، أو اختيار الأنواع المحمّلة بالملح والسكر، يجعلها مصدرًا مرتفعًا للسعرات دون فائدة غذائية حقيقية، هنا يكمن الخطأ الذي جعل البعض يعتقد أن المكسرات تسبب السمنة، بينما الحقيقة أن المشكلة ليست في نوع الطعام، بل في طريقة استهلاكه.

قنبلة السعرات الحرارية: مشكلة الإفراط في الكمية

تُعد المكسرات من الأطعمة ذات الكثافة السعرية العالية، أي أن كمية صغيرة منها تحتوي على عدد كبير من السعرات، فعلى سبيل المثال، كوب واحد من اللوز يمكن أن يتجاوز 500 سعرة حرارية، وهي كمية تكفي لتغطية وجبة كاملة، لذلك، فإن الإفراط في المكسرات دون ضبط الكمية اليومية قد يؤدي إلى فائض من السعرات يسبب زيادة في الوزن بمرور الوقت. الاعتدال هو المفتاح، فحفنة صغيرة تكفي لتزويد الجسم بالفائدة دون ضرر.

فخ الإضافات: المكسرات المملحة والمكرملة والمنكهة

الأنواع التجارية المضاف إليها نكهات صناعية أو سكر أو ملح بكميات كبيرة هي السبب الحقيقي وراء زيادة الوزن لدى البعض، فالمكسرات المملحة والمكرملة تضيف مئات السعرات الإضافية غير الملحوظة، وتفقد قيمتها الصحية، لذا يُفضَّل اختيار الأنواع النيئة أو المحمّصة بدون زيوت أو سكر، للحفاظ على توازن سعرات المكسرات ضمن النظام الغذائي اليومي.

التناول الخاطئ: الإضافة غير المناسبة للوجبات

من الأخطاء الشائعة تناول المكسرات كإضافة فوق وجبات دسمة أو تحليات غنية، بدلًا من استبدالها بوجبة خفيفة صحية، في هذه الحالة، تتحول من عنصر مفيد إلى عبء سعراتي إضافي. لتجنّب ذلك، اجعلي حفنة من الجوز أو الفستق وجبة خفيفة بين الوجبات، ولا تضيفيها إلى أطعمة تحتوي أصلًا على دهون وسكر، لتستفيدي من قيمتها الغذائية دون أن تُعرّضي جسمك لتخزين دهون زائدة.

القواعد الذهبية لتناول المكسرات لخسارة الوزن

لتحقيق الاستفادة القصوى من المكسرات دون زيادة في الوزن، من المهم الالتزام ببعض القواعد البسيطة التي تساعد على تنظيم الكمية واختيار الأنواع المناسبة، هذه الإرشادات تمثل خلاصة التوصيات العلمية حول المكسرات لخسارة الوزن ودمجها ضمن نظام غذائي متوازن، الحقيقة أن الاعتقاد بأن المكسرات تسبب السمنة ليس دقيقًا، فالمشكلة لا تكمن في نوع الطعام، بل في الكمية وطريقة التناول.

• الكمية المحددة: التزمي بقاعدة حفنة اليد، أي ما يعادل نحو 30 جراماً يوميًا (حوالي 20 حبة لوز أو 15 فستقة)، هذه الكمية توفر الدهون الصحية والبروتين دون تجاوز السعرات المطلوبة.
• قائمة المكسرات الأقل سعرات: يُعد اللوز والفستق المحمص من أفضل الخيارات في أنظمة الدايت، لاحتوائهما على ألياف وبروتين بنسبة مرتفعة وسعرات أقل مقارنة بغيرهما. يمكن الرجوع إلى مقال أقل سعرات في أنواع المكسرات للمزيد من التفاصيل.
• توقيت التناول: يفضل تناول المكسرات كوجبة خفيفة بين الوجبات أو قبل التمرين، إذ تساعد على الشبع وتزيد من معدل الأيض مما يدعم حرق الدهون.
• اختيار الأنواع الصحية: تجنبي المكسرات المملحة أو المكرملة أو المغطاة بالشوكولاتة، واختاري النيئة أو المحمصة بدون زيوت مضافة للحفاظ على قيمتها الغذائية.
• الدمج الذكي في النظام الغذائي: يمكن إضافة المكسرات إلى الزبادي أو السلطات بدلاً من الحلويات أو الوجبات الثقيلة، لضبط كمية المكسرات المسموحة والاستفادة من فوائدها دون زيادة في الوزن.

القول إن المكسرات تسبب السمنة هو خرافة شائعة أكثر من كونه حقيقة علمية. فالمكسرات، رغم احتوائها على الدهون، تُعد من الأطعمة الغنية بالعناصر المفيدة التي تدعم الشبع وتنظم الشهية. عند تناولها باعتدال وضمن نظام متوازن، تصبح شريكًا مثاليًا في رحلة الرجيم وخسارة الوزن، لذا، الإجابة على سؤال هل المكسرات تزيد الوزن؟ تعتمد تمامًا على الكمية وطريقة التناول، لا على المكسرات نفسها.