ليست خرافة... لون الصحون قد يقلل أو يزيد من كمية أكلك!

هل تعلمين أن اللون الذي تختارينه لأطباقك قد يؤثر فعليًا على كمية الطعام التي تتناولينها؟ نعم، فالألوان لا تقتصر فقط على الجانب الجمالي للمائدة، بل تتسلل إلى إدراكنا الحسي وتُغيّر قراراتنا دون أن نشعر، الأبحاث النفسية والغذائية الحديثة تُثبت أن لون الصحون قد يزيد أو يُقلل الشهية، بل وحتى يؤثر في تقييمنا للطعم والكميات، هذه التأثيرات ليست مجرد نظريات، بل تجارب علمية موثقة تغير نظرتنا لتقديم الطعام، فيما يلي، نعرض لكِ أبرز الحقائق المدعومة حول العلاقة بين ألوان الصحون وسلوكيات الأكل.

كيف يؤثر لون الصحون على كمية الطعام؟

قد يبدو الأمر وكأنه خرافة، ولكنه حقيقة مثبتة: لون الصحون يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مقدار ما نأكله، تظهر الدراسات أن الألوان تلعب دورًا نفسيًا في إدراكنا للطعام وكمية تناوله. عندما نتناول الطعام، لا يقتصر تأثيره على الطعم والرائحة فقط، بل يمتد ليشمل الحواس البصرية أيضًا، هذا التأثير قد يجعلنا نأكل أكثر أو أقل بناءً على الألوان المحيطة بنا.

على سبيل المثال، إذا وضعت وجبتك في طبق أحمر، فقد تشعر بالتحفيز لتناول كمية أقل مقارنة بصحن أبيض أو أزرق، ويرجع السبب في ذلك جزئيًا إلى ارتباط اللون الأحمر بإشارات التحذير، مما يعطي الدماغ الإحساس بأنه يجب الحد من الأكل، في المقابل، بعض الألوان تجعل الأكل شهي ولذيذ أكثر، ما يدفعك لتناول كميات أكبر دون وعي.

الدراسات العلمية وراء الظاهرة

دراسة أجريت في جامعة كورنيل بأمريكا وجدت أن التباين بين لون الطبق ولون الطعام يؤثر على التقدير البصري لكمية الطعام، المشاركون الذين أُعطوا أطباقًا متشابهة في اللون مع الطعام الذي يأكلونه مالوا إلى تناول المزيد، بينما الذين أكلوا في أطباق ذات ألوان متباينة كانوا أكثر وعيًا بالكمية.

هذا الأمر يُعرف بـ "التباين البصري"، ويعني أن الدماغ يركز على الفارق بين الطبق والطعام، مما يساعد الشخص على تقييم كمية الطعام بفعالية أكبر. وبالتالي، إذا كنت ترغب في تقليل تناولك للطعام، يُفضل اختيار أطباق ذات ألوان مختلفة عن الطعام.

اختيار الألوان المناسبة وفقًا لأهدافك الغذائية

استخدام الألوان في المطاعم وحتى المنازل ليس صدفة، فالألوان موجهة لتحفيز استجابة معينة لدى الشخص. على سبيل المثال، الصحون البيضاء تستخدم بشكل واسع لأنها تُبرز لون الطعام وتجعله يبدو أكثر جاذبية، هذا يعمل على تحفيز الشهية ويُزيد من مقدار ما تأكله.

على الجانب الآخر، اللون الأزرق يُعتبر أقل شيوعًا لأنه يُمكن أن يقلل من الشهية. في الحقيقة، هناك نظرية تقول إن اللون الأزرق مرتبط بالطعام الملوث أو الفاسد في الطبيعة، وبالتالي، لا يجذب الأشخاص بنفس الطريقة.

أمثلة من العالم الواقعي

خذ على سبيل المثال مطاعم الوجبات السريعة، إذا نظرت إلى التصميم الداخلي، ستجد أن غالبية المطاعم تستخدم ألوانًا مثل الأحمر والبرتقالي لأنه يزيد من الشعور بالطاقة والتسرع، مما يدفع العملاء لتناول الطعام بسرعة وبكميات أكبر.

أما في المقابل، ستجد المطاعم الفاخرة تستخدم ألوانًا مثل الأبيض والرمادي لتعزيز الانطباع بالهدوء والراحة وتقليل الشهية قليلاً، ما يساهم في تجربة تناول أكثر استرخاء.

التأثير النفسي للألوان على تناول الطعام

الألوان لا تؤثر فقط على الكمية، بل تؤثر أيضًا على التقييم النفسي للطعام. على سبيل المثال، فإن الطعام الذي يُقدم في طبق أسود قد يبدو أكثر فخامة وجاذبية مقارنة بنفس الطعام المقدم في طبق بلاستيكي أو ملون بألوان صارخة.

ومن هنا، فإن المطاعم تعمل على اختيار الصحون بعناية كبيرة بناءً على تأثيرها على العملاء، دراسة في مجلة "Appetite" أشارت إلى أن الصحون الداكنة تُزيد من الشعور بالجودة العالية للطعام، بينما الصحون الزاهية قد تُجعل الطعام يبدو أقل احترافية.

كيفية استخدام هذه المعلومات لتحسين عاداتك الغذائية

إذا كنت تحاول تخفيف وزنك أو تحسين أسلوب تناولك للطعام، فالصحون يمكن أن تكون أداة فعّالة لتحقيق ذلك، على سبيل المثال، يمكنك تجربة استخدام أطباق زرقاء إذا كنت تريد تقليل تناولك للطعام، خاصة أثناء تناول الوجبات التي تشتهيها بشدة.

أما إذا كنت ترغب في تحفيز تناول الطعام مثلًا لدى الأطفال الذين يعانون من فقدان الشهية، يمكن استخدام أطباق ملونة مثل الأصفر والوردي، إذ تعمل هذه الألوان على تحسين الشهية وتحفيز تناول الطعام.

إحصائيات مثيرة حول تأثير الألوان

إحدى الدراسات التي أجراها الباحثون في ألمانيا وجدت أن استخدام أطباق حمراء قللت من كمية تناول الطعام بنسبة 20% لدى الأشخاص مقارنة بالأطباق البيضاء، بينما في دراسة أخرى، وُجد أن الأشخاص الذين تناولوا الحلوى في صحون زرقاء شعروا بامتلاء أسرع مقارنة بنفس الحلوى المقدمة في صحون صفراء.

هذه الإحصائيات تُظهر قوة تأثير الألوان على السلوك الغذائي، والذي يمكن أن يُستخدم بشكل استراتيجي لتحقيق أهداف صحية وغذائية.

كيف تختار أطباقك بناءً على نوع الطعام؟

اختيار الأطباق يتأثر أيضًا بنوع الطعام الذي يتم تقديمه، إذا كنت تقدم وجبة غنية بالألوان مثل الكاري أو السلطات، فإن الطبق الأبيض يُبرز الجمال الطبيعي للطعام، أما إذا كنت تقدم طعامًا بسيطًا مثل الأرز أو البطاطا، فإن الصحون الملونة يمكن أن تضيف عنصر الحيوية والتشويق.

أما للمشروبات، الأكواب الزجاجية الشفافة تُبرز الألوان وتجعل الشخص أكثر انبهارًا بالمظهر. هذا يُعزز عملية تناول المشروبات بشكل أكبر.

التكاليف مقابل الفوائد

كثير من الناس قد يتساءلون: هل ينبغي أن نشتري مجموعة من الصحون لكل مناسبة؟ هذا يعتمد على أهدافك. إذا كنت مهتمًا بصحتك وأسلوب تناول الطعام، قد يكون الاستثمار في أطباق متنوعة الاستعمال فكرة جيدة، أما إذا كان الهدف هو الاقتصاد، يمكن استخدام مجموعة بسيطة تلبي الاحتياجات الأساسية.

يمكن أيضًا أن تكون الصحون أداة تعليمية للأطفال، حيث يمكن استخدامها لتعزيز العادات الصحية كاختيار الأطباق الزرقاء لتقليل تناول الحلوى، أو الصحون الصفراء لتحفيز تناول الفواكه.

ألوان الطعام مقابل ألوان الأطباق

تلعب الألوان دورًا مزدوجًا في تجربة الطعام، إذ تؤثر ألوان الأطباق على جاذبية ألوان الطعام ذاته، فعلى سبيل المثال، تبدو المعكرونة أكثر شهيّة في طبق أبيض يبرز لون الصلصة، بينما تظهر الخضروات مثل السبانخ والبروكلي أكثر جاذبية حين تُقدَّم في أطباق ذات ألوان طبيعية كالبني أو الأخضر الداكن. هذا التأثير لا ينفصل عن الخلفية الثقافية، فاختيارات الألوان تختلف من ثقافة لأخرى؛ ففي بعض البلدان الآسيوية تُستخدم الأطباق المزخرفة والملونة لتقديم الحلويات، بينما تفضّل الثقافات الغربية الأطباق البيضاء كخيار أنيق وحيادي. وبالتالي، فإن تأثير الألوان في تقديم الطعام يمتد ليعكس الذوق العام والتوقعات الثقافية، ما يجعل منه أداة استراتيجية تعتمد عليها المطاعم لتقديم تجربة بصرية وغذائية متكاملة.

يمكن أن يغير لون الصحون الطريقة التي ننظر بها للطعام ويؤثر على العادات الغذائية بشكل جوهري، لذا، استفد من هذه المعلومات لتحسين طريقتك في تقديم الطعام ولتجربة أكثر صحية وجمالية.

مقالات ذات صلة:

ترتيب السفرة وتجهيزها على طريقة المطاعم الفاخرة

طريقة تنظيف طاولات المطبخ الزجاجية وتلميعها

أدوات المطبخ الأساسية واستخداماتها