لماذا تختلف أذواقنا في الطعام؟
تثير مسألة لماذا تختلف أذواقنا في الطعام؟ فضول الكثيرين، حيث نجد أن ما يعجب شخصًا قد لا يروق لآخر، هذا التباين ليس مجرد تفضيل شخصي، بل يعود إلى عوامل جينية، ثقافية، وتجارب حياتية تشكل حاسة التذوق لدينا، في هذا المقال، نستعرض الأسباب وراء هذا التنوع في أذواق الطعام.
ما سبب تغير مذاق الطعام؟
في عام 1931، اكتشف الكيميائي الأمريكي آرثر فوكس أن الناس يتفاعلون بشكل مختلف مع المذاق المر لمادة معينة تُعرف باسم فينيل ثيوكارباميد، أثناء عمله في مختبره، لاحظ فوكس بالصدفة أن زميلًا له استطاع تذوق طعم مرّ جداً للمادة، في حين أن فوكس نفسه لم يتمكن من تذوق أي شيء، أثار هذا الاكتشاف دهشته، وفتح المجال لدراسات علمية عديدة حول أسباب هذا الاختلاف في التذوق بين الأفراد.
النتائج أظهرت لاحقًا أن التفاعل مع طعم مادة PTC يعتمد على التركيبة الجينية للشخص، حيث تبين أن هناك جينًا خاصًا يؤثر في حساسية الشخص للمذاق المر، هذا الجين، الذي عُرف لاحقًا بجين TAS2R38، يجعل بعض الناس أكثر حساسية للمذاق المر، مما يفسر تفضيل أو تجنب بعض الأطعمة المرّة مثل البروكلي الأخضر والقهوة السوداء لدى بعض الأشخاص دون غيرهم، ومن أمثلة الأطعمة الأخرى التي قد تؤثر الجينات في تقبلها: الكرنب، الهليون، والملفوف، إذ تحتوي على نكهات قد يجدها البعض قوية أو غير مستساغة.
منذ اكتشاف فوكس، أجرى العلماء أبحاثًا عديدة لفهم كيفية تأثير الجينات على التفضيلات الغذائية، وتبين أن التفاعل مع نكهات مختلفة مثل الحلو، والحامض، والمالح قد يتأثر بالجينات أيضًا، مما يفسر لماذا تختلف أذواقنا في الطعام بطرق معقدة وشخصية.
أنواع المتذوقين
كما ذكرنا في تجربة آرثر فوكس، يتفاعل الناس بشكل مختلف مع الأطعمة المرّة، وهذا يوضح لماذا تختلف أذواقنا في الطعام، تعتمد تفضيلات التذوق على التركيبة الجينية وعدد حليمات التذوق في اللسان، مما يؤدي إلى تقسيم الناس إلى أنواع مختلفة من المتذوقين، فيما يلي أنواع المتذوقين:
المتذوقون الخارقون
يُعرف المتذوقون الخارقون بامتلاكهم عددًا كبيرًا من حليمات التذوق في اللسان، مما يجعلهم شديدي الحساسية للطعم المرّ والنكهات القوية، لذلك، يميل هؤلاء الأشخاص إلى تجنب أطعمة مثل القهوة السوداء أو الصلصة الحارة التي يجدون طعمها قويًا جدًا وغير مريح، غالبًا ما يفضلون نكهات أقل حدة في طعامهم، وقد يستبدلون النكهات القوية بإضافات خفيفة أو مكونات لاذعة أقل.
المتذوقون العاديون
المتذوقون العاديون لديهم مستوى متوسط من حليمات التذوق، مما يجعلهم قادرين على تذوق الطعم المر والنكهات القوية، ولكن بدرجة معتدلة، هؤلاء الأشخاص عادةً لديهم توازن في تفضيلاتهم، ويمكنهم الاستمتاع بأطعمة متنوعة مثل البرجر مع صوص الجبن أو الهليون مع الصلصة الحارة، دون أن تكون النكهات مزعجة أو قوية للغاية بالنسبة لهم.
غير المتذوقين
غير المتذوقين لديهم عدد أقل من حليمات التذوق، مما يجعلهم أقل حساسية للطعم المرّ والنكهات القوية، هؤلاء يستمتعون عادةً بأطعمة ذات نكهات قوية، مثل القهوة السوداء وبافلو صوص، لأنهم لا يشعرون بنفس الحدة التي يشعر بها المتذوقون الآخرون، هذا ما يجعلهم يتمتعون بتجربة الطعم المر أو الحار بشكل فريد، مما يظهر مرة أخرى لماذا تختلف أذواقنا في الطعام.
العوامل الوراثية المؤثرة على التذوق
تلعب العوامل الوراثية دورًا مهمًا في تحديد استجابتنا للطعم، حيث تؤثر الجينات على قدرتنا على تمييز النكهات المختلفة واستجابتنا للمرارة والحلاوة، مما يجعل تجربة التذوق مميزة ومختلفة لكل فرد، فيما يلي العوامل الوراثية المؤثرة على التذوق.
- التأثيرات الجينية: تتحكم الجينات في حساسية براعم التذوق، مما يجعل بعض الأشخاص أكثر حساسية للنّكهات المرّة مثل البروكلي الأخضر والقهوة السوداء، وقد يلجأ البعض إلى إضافة السكر أو الحليب لتعديل الطعم.
- الثقافة والخلفية الاجتماعية: الثقافة تحدد ما نراه مألوفًا؛ فالأشخاص الذين نشأوا في بيئات تميل للطعام الحار، مثل المطبخ المكسيكي، يعتادون على أطباق مثل البرجر بالصلصة الحارة وأجنحة الدجاج بصلصة البافلو.
- الذكريات والعواطف: ترتبط بعض الأطعمة بذكريات خاصة، مما يجعلها مفضلة لدينا. على سبيل المثال، قد يفضل البعض برجر الجبنة أو المكرونة بصلصة الطماطم لما تثيره من حنين للطفولة.
- التجارب مع الأطعمة الجديدة: تجربة أطعمة متنوعة في الصغر تفتح الأفق لتقبل النكهات الجديدة، ويصبح من المعتاد لبعض الأشخاص الاستمتاع بنكهات غير مألوفة مثل صلصة البافلو أو الصلصة الحارة المكسيكية.
- الاحتياجات الصحية والنظام الغذائي: تؤثر الظروف الصحية على اختياراتنا الغذائية؛ فمثلاً، من يعاني من حساسية الغلوتين يختار أطعمة مثل باستا القمح، بينما يفضل النباتيون البرجر النباتي.
- التجربة الحسية للطعام: تساهم الحواس مثل الملمس والرائحة في الاستمتاع بالطعام؛ فقد يفضل البعض الحلوى الكريمية، بينما يميل آخرون للأطعمة المقرمشة مثل البطاطس المقلية.
مقالات ذات صلة:
يوم الشوكولاتة الحلوة والمرة...تعرف على فوائدها وأهم وصفاتها